توجيه الخطاب العمومي: دعوة إلى تعزيز القنوات المؤسساتية…….!

*توجيه الخطاب العمومي: دعوة إلى تعزيز القنوات المؤسساتية…….!*

«ليست الحرية أن يفعل المرء ما يشاء، بل أن يتصرف وفق ما تفرضه المسؤولية».

إيمانويل كانط

فيلسوف ألماني

في السنوات الأخيرة، لوحظ تزايد عدد المواطنين الذين يوجّهون خطاباتهم وتسجيلاتهم ومقالاتهم مباشرة إلى فخامة رئيس الجمهورية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وإن كان هذا التوجه يعكس وعيًا سياسيًا متناميًا، فإنه يطرح في الوقت ذاته إشكالًا على مستوى الفعالية الإدارية والتنظيم المؤسسي.

إن فخامة رئيس الجمهورية، بوصفه الضامن الأول لسيادة الدولة ووحدتها، يتولى القيادة العليا للسياسات العامة، ويضطلع بمهام استراتيجية ذات بعد وطني ودولي، ما يستدعي تركيزه على الملفات الكبرى التي تتعلق بالأمن القومي، والعدالة الاجتماعية، والتحولات الاقتصادية العميقة.

إن توجيه القضايا اليومية إلى رئيس الدولة مباشرة يتجاوز مقتضيات المسؤولية الإدارية، ويُضعف فعالية سلسلة اتخاذ القرار، التي ترتكز في الأنظمة الحديثة على مبدأ التفويض والاختصاص.

ولعل ما يعزّز هذه المقاربة، هو أن الحكومة , برئاسة وزير أول ,قد أنشئت لتكون حلقة الوصل بين المواطن والدولة، وقد تم تزويدها بجهاز إداري متكامل، مزود بالآليات والموارد اللازمة لتلقي الشكاوى والتعامل معها. بل إن الدولة، وفي إطار انفتاحها الرقمي، أطلقت منصة **عين**كآلية مؤسسية لتوجيه المطالب وتلقي المقترحات، وقد أثبتت هذه المنصة نجاعتها من خلال آلاف الحالات التي تمت معالجتها بشفافية وانسيابية.

وفي هذا الاطار أقترح اعتماد فترة تجريبية، يتم خلالها دعوة المواطنين إلى توجيه مطالبهم عبر القنوات الرسمية والقطاعية المختصة، بما يسمح لكل وزير وهيئة بتحمل مسؤولياتها كاملة، وبما يُكرّس ثقافة مؤسسية ناضجة، تنأى بالشأن العام عن الفردانية والعشوائية.

وفي الختام، فإن العدالة الإدارية، لا تتحقق فقط بإرادة سياسية عليا، بل تتطلب كذلك مواطنًا واعيًا يتقن كيفية مخاطبة الدولة من داخل مؤسساتها. فلنُعطِ للمسؤولين صلاحياتهم، ولنحاسبهم بناءً على أدائهم، بدل تجاوزهم نحو رأس الهرم، في مخالفة لأبسط قواعد الفعالية الإدارية.

سيدي ولد إبراهيم ولد إبراهيم

خبير محاسبي

مستشار رئيس حزب الإنصاف

4 July 2025